في مجتمعنا افكار ثابتة نخضع لها جميعا ولا يروق لنا ان نتخلى عنها ومن بين هذه الافكار هناك ما يقال وهناك ما لا يقال , ما يكتب وما لا يكتب, ما يفهمه البعض وما لا يستطيع ان يفهمه البعض الاخر , ما يعلن للبالغين والراسخين في العلم وما ينبغي ان يبقى خفيا على الصغار والبسطاء, مثل هذا المفهوم قد يبدو لنا لاول وهلة منطقيا بحكم التفاوت بين الناس في العمر والثقافة والتربية متناسين ان الحقيقة واحدة وان اختلفت اساليب التعبير عنها , لذا وجب علينا ان نحذر من ان يذهب بنا ترددنا في اعلان الحقيقة دون مساومة او تحجيم او تظليل الى (الكذب) , وهذا (الكذب) في ايامنا هذه اصبح حلالا بل قل انه حاجة وضرورة.
وما يصح في العديد من مجالات الحياة يصح في المجال الديني , ألسنا نميل الى وضع الحواجز والقطيعة بين الجهل والمعرفة , اليس الاولى بالمؤمن ان يتسأل وأليس الاجدى ان يتلقى الجواب؟ الا تذهب به بعض الاجابات الى الشك وزعزعة ايمانه؟
حين تفتح المعرفة ذهن المؤمن وتكشف له عن ما ينطوي على ايمانه من ابعاد وما يفرضه عليه من التزامات , فقد تصبح هذه المعرفة عامل قلق لدى البعض من اولياء الامور وحتى قسم من الكهنة وبدلا من ان نواجه هذه المعرفة الايمانية بصيغها المتعددة ونقبل بطيب خاطر ما خلقته وتخلق لا سيما لدى ابناء الجيل الجديد من وعي ويقظة وحمية والتزام , نرى اننا ننحي باللائمة على هذه التعددية في الرؤية الايمانية ونتباكى على ازمنة غابرة يخيل الينا ان الايمان كان فيها اكثر قوة وعمقا وبساطة .
وهنا نتسأل اي ايمان نريد ان نشهد له لدى الجيل الجديد؟ فاذا كان يحق لنا ان نصف ايمان اجدادنا بالقوة والبساطة والصمود فكم الحري بنا ان يتصف ايماننا اليوم بالعمق والرؤية المستنيرة والالتزام الواعي والشهادة الحية.
ان الصراع الحاصل هذا اليوم هو صراع بين الحقيقة الانجيلية في اصالتها وبين ما لبسته خلال اجيال من موروثات وترسبات قديمة وهذا الصراع هو بالتالي بين المحدثين الذين تجتاحهم رغبة عارمة في اشاعة رؤية ايمانية مستنيرة وبين التقليديين الذين يرومون ان تبقى الامور على عواهنها.
ان الايمان هو نبع ديناميكي يفجره الروح في قلب كل مؤمن , الم يرفع السيد المسيح هذه الصلاة(احمدك يا ابتاه لانك اخفيت هذه الاشياء عن الحكماء والاذكياء وكشفتها للصغار).
واذا كان الروح هو الذي نطق في انبياء العهد القديم وهو نفسه الذي نطق في الرسل والتلاميذ , فهذا الروح عينه هو الذي ينطق في كنيسة اليوم وهو الذي يلهم ابنائها ليشهدوا من دون خوف ولا تردد للايمان الذي يغذيهم وللرجاء الذي يسكنهم وللمحبة التي تضطرم فيهم فحذار من اية محاولة لأسكات هذا الروح.
انتظر ردودكم